بكى النار ستراً على الموقد   وغار يغالط في المُنجد
أحبّ وصان فورّى هوىً   أضلّ وخاف فلم ينشد ؟
بعيد الإصاخة عن عاذلٍ   غنى التفرّد عن مًسعد
حمول على القلب وهو الضعيف   صبور عن الماء وهو الصّدي
وقورٌ وما الخرقُ من حازمٍ   متى ما يَرح شيبه يغتدي
ويا قلب إن قادك الغانيات   فكم رسنٍ فيك لم ينقد
أفق فكأني بها قد أُمِرّ   بأفواهها العذب من موردي
وسُوّد ما ابيضّ من ودها   بما بيّض الدهر من أسودي
وما الشيب أول غدر الزمان   بلى من عوائده العوّد
لحا الله حظي كما لا يجود   بما استحق وكم أجتدي
وكم أتعلل عيش السقيم   أذمّم يومي وأرجو غدي
لئن نام دهري دون المنى   وأصبح عن نَيلها مُقعدي
ولم أك أحمد أفعاله   فلي أسوة ببني «أحمد»
بخير الورى وبني خيرهم   اذا وَلَد الخير لم يولد
وأكرم حيّ على الأرض قام   وميتٍ توسّد في ملحد
وبيتٍ تقاصر عنه البيوت   وطال عليّاً على الفرقد
تحوم الملائك من حوله   ويصبح للوحى دار الندي
ألا سَل «قريشاً» ولُم منهم   مَن استوجب اللوم أو فنّد
وقل : مالكم بعد طول الضلا   ل لم تشكروا نعمة المرشد ؟
أتاكم على فترةٍ فاستقام   بكم جائرين عن المقصد
وولّى حميداً الى ربّه   ومن سَنّ ما سنّه يُحمَد
وقد جعل الأمر من بعده   «لحيدر» بالخبر المسند
وسمّاه مولىً بإقرار مَن   لو اتبع الحق لم يجحد
فملتم بها حسد الفضل عنه   ومن يكُ خير الورى يُحسدِ
وقلتم : بذاك قضى الاجتماع   ألا إنما الحق للمفرد
يعزّ على «هاشم» و «النبي»   تلاعبُ «تيمٍ» بها أو «عَدي»
وإرثُ «عليِّ» لأولاده   اذا آيةُ الإرث لم تفسد
فمن قاعدٍ منهم خائف   ومِن ثائر قام لم يُسعد
تسلّط بغياً أكفُ النفا   ق منهم على سيّدٍ سيّد
وما صرفوا عن مقام الصلاة   ولا عُنّفوا في بُنى المسجد
أبوهم وأمهم من علمـ   ـتَ فانقص مفاخرهم أو زِد
أرى الدين من بعد يوم «الحسين»   عليلاً له الموتُ بالمرصد
وما الشرك لله من قبله   اذا انت قستَ بمستبعد
وما آل «حربٍ» جنوا إنما   أعادوا الضلال على من بُدي
سيعلم مَن «فاطم» خصمُه   بأيّ نكالٍ غداً يرتدي
ومَن ساء «أحمد» يا سبطه   فباء بقتلك ماذا يدي ؟
فداؤك نفسي ومَن لي بدا   ك لو أن مولىً بعبدٍ فُدي
وليتَ دمي ما سقى الأرض منك   يقوت الرّدى وأكون الرّدي
وليت سبقتُ فكنتُ الشهيد   أمامك يا صاحب المشهد
عسى الدهر يشفى غداً من عِدا   ك قلب مغيظٍ بهم مكمد
عسى سطوة الحق تعلو المحال   عسى يغلبُ النقص بالسؤدد
وقد فعل الله لكنني   أرى كبدي بعدُ لم تبرد
بسمعي لقائمكم دعوة   يلبي لها كل مستنجد
أنا العبد وآلاكم عُقده   اذا القول بالقلب لم يعقد
وفيكم ودادي وديني معاً   وإن كان في «فارس» مولدي
خصمت ضلالي بكم فاهتديت   ولولاكم لم أكن اهتدي
وجردتموني وقد كنت في   يد الشرك كالصارم المغمد
ولا زال شعري من نائحٍ   ينقّل فيكم الى منشد
وما فاتني نصركم باللسان   اذا فاتني نصركم باليد