جثا الزمن المكسور عندك نادبا

أتيتُكَ مُلتاعَ الأسى حامِلاً هامي   لأجعلَهُ وقفاً لِمنحرِكَ الدامي
إمامي ؛ وفي روحي تجيشُ مشاعرٌ   أتَتْ لكَ حَبْواً ترتدي دمعيَ الهامي
أذوبُ على أعتابِكَ الشُمّ عاشقاً   أُقبّلُها ، أستافُ زهْرَ العُلى النامي
وأفنى بشوقِ الحُبّ ، يُفعِمُ خافقي   فمُذْ عالَمِ (الإشهادِ) تيّمْتَ أنغامي
إمامي ، حُسينَ القلبِ ؛ مولايَ ضُمَّهُ   وَرَوِّ احتراقَ النبضِ مِنْ بحرِكَ الطامي

* * *

أنلْنِيَ مِنْ عينيكَ نظرةَ رحمةٍ   لتحيا بها روحي ، وتُطفِئَ إضرامي
وحَقّ هَواكَ العَذْبِ ، عذّبْتَ شهقتي   لأنكَ مِحْرابُ الجراحاتِ قدّامي
أبا ألْفِ جُرْحٍ بعدَ ألْفٍ ، حمَلْتَها   وتلهَجُ : لو يُرضيكَ خُذْ ربيَ الحامي
تولّهتَ في حُبّ الوَدودِ ، وهانَ ما   تلاقي بعينِ اللهِ مِنْ أجلِ إسلامِ
فأبكيتَ حتى حاملي العرشِ ، فاتئِدْ   أخافُ على عرْشِ السماواتِ يا دامي

* * *

أ مولايَ أمواجُ الدموعِ تسيرُ بي   وإني غريقٌ في دموعٍ وآلامِ
أنا أتشظّى قُرْبَ نحْركَ ، لُمّني   ولامِسْ جراحي وانبهاري وإعتامي
أضِئْ فيَّ شمسَ اللهِ ، فالذنبُ قاتلي   ويا حسرتي إنْ جئتُ ربي بآثامي
أُقلّبُ طرفَ الحُبّ ، أُقبِلُ مُحجِماً   أموتُ حياءً بينَ خطوي وإحجامي
فخُذْ أنتَ كفَّ الروحِ ، واسمُ بها إلى   إلهكَ ، طَهّرْها بموشورِ إلهامِ
تُرابُكَ يشفيني ، وقدْ ذُبْتُ داعياً   بقبّتِكَ الشمّاءِ ، غصْتُ بأحلامي
أ مولايَ ؛ بَشرْني بنَيْلِ شفاعةٍ   فأنتمْ إلى ربي وسيلةُ إكرامي

* * *

أيا مَلِكَ الماءِ الخجولِ ؛ تلعْثمتْ   ببابكَ آهاتُ الفراتِ وأعمامي
يُعذّبُهمْ أنْ متَّ ظمآنَ طاوياً   وما الماءُ إلاّ مَهْرُ أُمكَ يا ظامي
ببابِكَ قامَ الماءُ ، وانهَدَّ خاشعاً   ومنْ دمعِهِ دمعٌ بأحداقِ أكمامِ
ودمْعٌ بأجفانِ النخيلِ مُسَعَّرٌ   ودمعُ العراقيينَ جاؤوا كأيتامِ
وها هُمْ شُعوبُ الأرضِ ، تهفو قلوبُهُمْ   لتلثمَ قُدْسَ اللهِ فيكَ بإعظامِ

* * *

أ أنتَ وراءَ التُربِ ؟! أيةُ تُربةٍ   تضمُّكَ ؟! والأنوارُ أنتمْ بأجسامِ
وأيُّ ضريحٍ رصّعتهُ لآلِئٌ   يحدُّ الذي ما حُدَّ في أيّ أرقامِ
جثا الزمنُ المكسورُ عِندَكَ نادباً   وأدمعهُ انهالتْ بآلافِ أعوامِ
وطافتْ على آلامِكَ الحُمْرِ أنجُمٌ   تريقُ عليها الضوءَ عبرى بإيلامِ
ولمّا أصابَ الظالمونَ بحقْدِهِمْ   فؤادَ كتابِ اللهِ أسهُمَ إجرامِ
رأيناكَ لمْلمتَ الحروفَ وآيها   وأحْييتَ بالنزفِ التُقى بعدَ إعدامِ
وأشرقَ وجهُ الكونِ يرنو مُدلَّهاً   لِجُرْحِكَ يفني كُلَّ رِجسٍ وأصنامِ
فسطّرَ في سِفْرِ الخلودِ مؤرّخاً   (ضريحُكَ إيناعُ الهُدى بالدمِ السامي)

( 1430 )


القصيدة الثانية / نُظمت في الكوفة العلوية المقدسة يوم 14/شعبان/1429

وتتضمن تأريخ الشباك الجديد للضريح الطاهر الذي كان من المؤمل إنجازه في عام 1430 والبيت الأخير يتضمن هذا التأريخ