أيها المتزر شمساً بالسحاب
| أيها الشمسُ ؛ إنَّ روحي شَتاتُ | لمَّها في يديكَ .. أنتَ الحياةُ | |
| وفؤادي المواتُ أيْبسَهُ القيظُ ، | فَشِمْهُ .. يُورِقْ فؤادي المَواتُ | |
| وأنِلْ لهفةَ الجراحِ عناقاً | فجراحي إليكَ مُرتحلاتُ | |
| إنَّ شوقَ السنين يهدمُ في العُمرِ | فتذوي ورودُهُ الباسماتُ | |
| ويمرُّ الزمانُ .. تغفو الليالي | وتغورُ الأيامُ والسنواتُ | |
| وأنا ساهرٌ أُناجيك طيفاً | يتأبى أنْ تجتليهِ السراةُ |
* * *
| وارثَ النورِ والعلى مِنْ عَلٍيّ | وعليٌّ ما طاوَلَتهُ السُعاةُ | |
| قد هفا القلبُ ، واشرأبّتْ شراييني .. | ففاضتْ أنوارُكَ المُشتهاةُ | |
| وأنا والهٌ .. وخلفَ عيوني | قد بكى النخلُ ، واستغاثَ الفراتُ | |
| ونشيجُ الأطفالِ في غُرَفِ | التعذيبِ يعلو .. فتُقبَرُ الأصواتُ | |
| والدماءُ التي بِحُبّكَ شبّتْ | أهْرَقَتْها على الرمالِ طُغاةُ | |
| والوجوهُ التي تَبَسَّمُ بالطهرِ | استباحتْ براءتَيْها العتاةُ | |
| والعيونُ التي تخطّتْ لِمَرآكَ | اشتياقاً ، قد سَمَّلَتْها البُغاةُ | |
| والأكفُّ التي تُلَوّحُ زهواً | لمَعاليكَ كبّلَتْها العداةُ |
* * *
| نحنُ مِن أعيُنِ الحسينِ حكايا | خلّفتْها جراحهُ النازفاتُ | |
| هِيَ والسبطُ توأمٌ ، أرضعتْنا | حُبَّهُ ، فاصطلتْ به العزَماتُ | |
| واقتبسناكَ ومضةً .. واقتَفيناكَ | إليهِ .. وهانت التضحياتُ |
* * *
| سَيّدَ الوجدِ ؛ لمسةً .. فاحتراقي | لا تداوي لهيبَهُ اللمساتُ | |
| والوجيبُ المشبوبُ عرّشهُ التَوْقُ ، | فجُنّتْ دماؤهُ الوالهاتُ | |
| كلُّ عِرْقٍ بحرٌ يمورُ .. تلاشتْ | في مداهُ الأبعادُ والأوقاتُ | |
| حزُني أيها الحبيبُ المُفدّى | غامضٌ لا تحيطُهُ الآهاتُ | |
| تضمحلُّ الأيامُ فيهِ ويبقى | حلَكاً أوّبتْ له المُوحشاتُ | |
| إنَّ جرحَ الحسينِ في الطَفّ لِلآنَ | تُروّى مِن نزفِهِ الفلَواتُ | |
| والسبايا تعجُّ بالحقّ تحتَ | السوطِ والنارِ .. واليتامى عُراةُ | |
| ورؤوسُ الشموسِ فوقَ الرماحِ | السُودِ تعلو مِن ثغرِها الآياتُ | |
| وبأيدي السَجادِ ما زال غلٌّ | وحوالي أوداجهِ جامعاتُ | |
| والترابُ المخضوبُ ضجَّ إلى اللهِ .. | فسالتْ من السَما دمَعاتُ | |
| قدَرٌ لم نزلْ ندورُ عليهِ | منذُ صاحَ الحسينُ : يا قوم هاتوا | |
| هو فخرٌ ، وحسبُنا أنْ طويناهُ | مع السبطِ ، وَحَّدَتْنا السِماتُ | |
| وتباهى بنا الزمانُ فحارتْ | بالفِدى المُمْكِناتُ والمُعْجِزاتُ |
* * *
| إنَّ قلباً يلمُّ هذي السكاكينَ | حريٌّ لو تصطفيهِ الأُباةُ | |
| كيفَ ، للهِ دَرُّهُ ، قد حواها | نبضُهُ ، وَهي وَسْطَهُ مُشرَعاتُ | |
| جَرَّحتْهُ .. وحُبُّهُ يغمُرُ الأنصُلَ | عفواً .. لكنّها ساخراتُ !! | |
| هكذا كانَ جَدُّكَ السبطُ يبكي | ساحقيهِ .. وخيلُهم صاهلاتُ | |
| حَطموا صَدْرَهُ .. فمَدَّ إليهمْ | من شرايينهِ الجسورَ ففاتوا |
* * *
| أيُّها الخافقُ العظيمُ أنِلْنا | خفقةً منك .. إنّنا أمواتُ | |
| إنَّ هذا الجحيمَ يُطبِقُ مسعوراً | علينا .. فتجفلُ الجنّاتُ | |
| فأعدْ زَهْوَنا المُطِلَّ على الكونِ | بشيراً .. ولْتخفقِ الراياتُ | |
| فالدجى شاخَ والأمانيُّ والأرواحُ | ضاقتْ بشجوِها المديات | |
| وانزوتْ بهرجاتُ عصرٍ كذوبٍ | ألقحتْهُ الأطماعُ والغفَلاتُ | |
| واستفاقتْ تلكَ العيونُ البريئاتُ .. | ففي الأُفقِ قد بدتْ وَمضاتُ | |
| وإلى همسِنا البعيدِ أصاختْ | أُذُنٌ ملْءُ سمْعِها صرَخاتُ | |
| إنها عودةُ الحياةِ إلى الدنيا ، | فقد طال موتُها والسُباتُ | |
| ستعودُ الورودُ تعبقُ بالعطرِ | وتُنشي خريرَها الساقياتُ | |
| ويعودُ الفَرَاشُ يمرحُ بالبشرِ ، | وتلهو بجُنحِهِ النسَماتُ | |
| وتُغنّي البلابلُ البيضُ والخضرُ | فتَروي تسبيحَها الكائناتُ | |
| ويعودُ الإنسانُ قلبُ نَبٍيّ | قلبُهُ .. قد سَمَتْ بهِ الأُمنياتُ | |
| حُلُمٌ أرَّقَ الخليقةَ مُذ (آدمَ) | حتى انجابتْ بهِ الداجياتُ | |
| فأنِلْهُ توهُّجاً يا وريثَ | النورِ ، إنَّ البدورَ مُحتَجباتُ | |
| يا إمامي المهديَّ فلْتَحضِنِ الأرضَ ، | لِتنزِلْ من راحتَيْك النجاةُ | |
| آنَ أنْ تُمْتَلى بقِسْطٍ وعَدْلٍ | بعدَما سامَها الهوانَ الولاةُ |
الثامنة عشرة / مقاطع من قصيدة طويلة ناهزت 100 بيت في التطلع إلى بزوغ فجر المنقذ العظيم الإمام المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه .
تاريخها 8/جمادى الثانية/1418
